الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ إمَامَهُ قَدْ سَلَّمَ أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي إمَامَةِ الإِمَامِ فَقَامَ لِقَضَاءِ مَا لَمْ يُدْرِكْ أَوْ لِتَطَوُّعٍ أَوْ لِحَاجَةٍ سَاهِيًا: فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ مَتَى مَا ذَكَرَ وَيَجْلِسَ وَيَتَشَهَّدَ إنْ كَانَ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ، وَلاَ يُسَلِّمُ إلاَّ بَعْدَ سَلاَمِ إمَامِهِ وَجَالِسًا: وَلاَ بُدَّ، فَإِنْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُلُوسِ: سَلَّمَ كَمَا يَقْدِرُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، فَإِنْ اُنْتُقِضَ وُضُوءُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ مَا ذَكَرْنَا ابْتَدَأَ الصَّلاَةِ، وَلاَ بُدَّ فَلَوْ تَعَمَّدَ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَا قَبْلُ ذَاكِرًا أَنَّهُ فِي إمَامَةِ الإِمَامِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ بُطْلاَنِ الصَّلاَةِ بِكُلِّ عَمَلٍ تَعَمَّدَ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ، وَلاَ أُبِيحَ لَهُ، وَبِأَنَّ النِّسْيَانَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَالسَّلاَمُ لاَ يَكُونُ بِالنَّصِّ وَالإِجْمَاعِ إلاَّ فِي آخِرِ الْجُلُوسِ الَّذِي فِيهِ التَّشَهُّدُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَالصَّلاَةُ خَلْفَ مَنْ يَدْرِي الْمَرْءُ أَنَّهُ كَافِرٌ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ خَلْفَ مَنْ يَدْرِي أَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ لِلصَّلاَةِ بِلاَ طَهَارَةٍ، أَوْ مُتَعَمِّدٌ لِلْعَبَثِ فِي صَلاَتِهِ وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ مَعَ النَّصِّ الثَّابِتِ بِأَنْ يَؤُمَّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، وَالْكَافِرُ لَيْسَ أَحَدَنَا وَلَيْسَ الْكَافِرُ مِنْ الْمُصَلِّينَ، وَلاَ مُضَافًا إلَيْهِمْ، وَلَيْسَ الْعَابِثُ مُصَلِّيًا، وَلاَ فِي صَلاَةٍ فَالْمُؤْتَمُّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ.
فَإِنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ مُسْلِمٌ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَافِرٌ، أَوْ أَنَّهُ عَابِثٌ، أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ؛ فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ؛ لاَِنَّهُ لَمْ يُكَلِّفْهُ اللَّهُ تَعَالَى مَعْرِفَةَ مَا فِي قُلُوبِ النَّاسِ وَقَدْ قَالَ عليه السلام لَمْ أُبْعَثْ لاَِشُقَّ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَإِنَّمَا كُلِّفْنَا ظَاهِرَ أَمْرِهِمْ فَأُمِرْنَا إذَا حَضَرَتْ الصَّلاَةُ أَنْ يَؤُمَّنَا بَعْضُنَا فِي ظَاهِرِ أَمْرِهِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ صَلَّى كَمَا أُمِرَ، وَكَذَلِكَ الْعَابِثُ فِي نِيَّتِهِ أَيْضًا لاَ سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِنْهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا مَنْ تَأَوَّلَ فِي بَعْضِ مَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ فَلَمْ يَرَ الْوُضُوءَ مِنْهُ: فَالاِئْتِمَامُ بِهِ جَائِزٌ؛ وَكَذَلِكَ مَنْ اعْتَقَدَ مُتَأَوِّلاً أَنَّ بَعْضَ فُرُوضِ صَلاَتِهِ تَطَوُّعٌ؛ لاَِنَّهُ مَعْذُورٌ بِجَهْلِهِ، وَقَدْ أَجَازَ عليه السلام صَلاَةَ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ، وَهُوَ قَدْ تَعَمَّدَ الْكَلاَمَ فِي صَلاَتِهِ جَاهِلاً.
وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ إمَامَهُ قَدْ زَادَ رَكْعَةً أَوْ سَجْدَةً فَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ عَلَيْهَا، بَلْ يَبْقَى عَلَى الْحَالَةِ الْجَائِزَةِ، وَيُسَبِّحُ بِالإِمَامِ، وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: وَأَيُّمَا رَجُلٍ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، وَلاَ يَضُرُّ ذَلِكَ الْمَرْأَةَ شَيْئًا. وَفُرِضَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ تَعْدِيلُ الصُّفُوفِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ وَالتَّرَاصُّ فِيهَا، وَالْمُحَاذَاةُ بِالْمَنَاكِبِ، وَالأَرْجُلِ، فَإِنْ كَانَ نَقْصٌ كَانَ فِي آخِرِهَا وَمَنْ صَلَّى وَأَمَامَهُ فِي الصَّفِّ فُرْجَةٌ يُمْكِنُهُ سَدُّهَا بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ: بَطَلَتْ صَلاَتُهُ؛ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي الصَّفِّ مَدْخَلاً فَلْيَجْتَذِبْ إلَى نَفْسِهِ رَجُلاً يُصَلِّي مَعَهُ؛ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَرْجِعْ، وَلاَ يُصَلِّ وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ إلاَّ أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا فَيُصَلِّي وَتُجْزِئُهُ حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْخَوْلاَنِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ رَاشِدٍ عَنْ وَابِصَةَ، هُوَ ابْنُ مَعْبَدِ الأَسَدِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلاً يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلاَةَ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ أَخْبَرَهُ عَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلاً صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلاَةَ. فَقَالَ قَوْمٌ بِآرَائِهِمْ: لَعَلَّهُ أَمَرَهُ بِالإِعَادَةِ لاَِمْرٍ غَيْرِ ذَلِكَ لاَ نَعْرِفُهُ. قال علي: وهذا بَاطِلٌ لاَِنَّهُ عليه السلام لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ بَيَانَ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَمَا ادَّعَوْا، وَإِذَا جَوَّزُوا مِثْلَ هَذَا لَمْ يَعْجِزْ أَحَدٌ لاَ يَتَّقِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقُولَ إذَا ذُكِرَ لَهُ حَدِيثُ: لَعَلَّهُ نَقَصَ مِنْهُ شَيْءٌ يُبْطِلُ هَذَا الْحُكْمَ الْوَارِدَ فِيهِ فَكَيْفَ وَقَدْ. حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور، حدثنا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا مُلاَزِمُ بْنُ عَمْرِو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ وَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ، فَقَضَى الصَّلاَةَ فَرَأَى رَجُلاً فَرْدًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ فَوَقَفَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْصَرَفَ، فَقَالَ لَهُ: اسْتَقْبِلْ صَلاَتَك، فَإِنَّهُ لاَ صَلاَةَ لِلَّذِي خَلْفَ الصَّفِّ. قَالَ عَلِيٌّ: مُلاَزِمٌ ثِقَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ وَغَيْرُهُمَا، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا عَابَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بِأَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إلاَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ، وَهَذَا لَيْسَ جُرْحَةً. وَرِوَايَةُ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ حَدِيثُ وَابِصَةَ مَرَّةً عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، وَمَرَّةً عَنْ عَمْرٍو بْنِ رَاشِدٍ قُوَّةٌ لِلْخَبَرِ، وَعَمْرُو بْنُ رَاشِدٍ ثِقَةٌ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا أَبُو الْوَلِيدِ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ، حدثنا شُعْبَةُ أَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْت سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ سَمِعْت النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ. قال علي: هذا وَعِيدٌ شَدِيدٌ. وَالْوَعِيدُ لاَ يَكُونُ إلاَّ فِي كَبِيرَةٍ مِنْ الْكَبَائِرِ. وَبِهِ نَصًّا إلَى شُعْبَةَ: عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ. قَالَ عَلِيٌّ: تَسْوِيَةُ الصَّفِّ إذَا كَانَ مِنْ إقَامَةِ الصَّلاَةِ فَهُوَ فَرْضٌ؛ لاَِنَّ إقَامَةَ الصَّلاَةِ فَرْضٌ؛ وَمَا كَانَ مِنْ الْفَرْضِ فَهُوَ فَرْضٌ. وبه إلى الْبُخَارِيِّ: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حدثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرِو، حدثنا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، حدثنا حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ، حدثنا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي. وَرُوِّينَا عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ قَالَ " كَانَ أَحَدُنَا يَلْزَقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ. قال علي: هذا إجْمَاعٌ مِنْهُمْ، وَالآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا؛ وَالصَّفُّ الأَوَّلُ هُوَ الَّذِي يَلِي الإِمَامَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاسِطِيُّ، حدثنا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ، حدثنا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلاَسٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ تَعْلَمُونَ أَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ لَكَانَتْ قُرْعَةً. قَالَ عَلِيٌّ: لاَ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْقُرْعَةُ إلاَّ فِيمَا لاَ يَسَعُ الْجَمِيعَ فَيَقَعُ فِيهِ التَّغَايُرُ وَالْمُضَايَقَةُ وَلَوْ كَانَ الصَّفُّ الأَوَّلُ لِلْمُبَادِرِ بِالْمَجِيءِ كَمَا يَقُولُ مَنْ لاَ يُحَصِّلُ كَلاَمَهُ لَمَا كَانَتْ الْقُرْعَةُ فِيهِ إلاَّ حَمَاقَةً؛ لاَِنَّهُ لاَ يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ الْمُبَادَرَةِ بِالْمَجِيءِ حَتَّى يَحْتَاجَ فِيهِ إلَى قُرْعَةٍ حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبَ، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ هُوَ الْجَحْدَرِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ، حدثنا سَعِيدُ، هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتِمُّوا الصَّفَّ الأَوَّلَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، فَإِنْ كَانَ نَقْصٌ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ. قَالَ عَلِيٌّ: شَغَبَ مَنْ أَجَازَ صَلاَةَ الْمُنْفَرِدِ خَلْفَ الصَّفِّ بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَسٍ، وَالْيَتِيمِ خَلْفَهُ، وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُمَا وَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لاَِنَّ حُكْمَ النِّسَاءِ خَلْفَ الرِّجَالِ، وَإِلاَّ فَعَلَيْهِنَّ مِنْ إقَامَةِ الصُّفُوفِ إذَا كَثُرْنَ مَا عَلَى الرِّجَالِ لِعُمُومِ الأَمْرِ بِذَلِكَ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ حَدِيثُ مُصَلَّى الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ لِحَدِيثِ وَابِصَةَ، وَلاَ حَدِيثُ وَابِصَةَ لِحَدِيثِ مُصَلَّى الْمَرْأَةِ، فَلَيْسَ مَنْ تَرَكَ هَذَا لِهَذَا بِأَوْلَى مِمَّنْ تَرَكَ مَا أَخَذَ هَذَا وَأَخَذَ بِمَا تَرَكَ، وَكُلُّ هَذَا لاَ يَجُوزُ وَشَغَبُوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ إذْ جَاءَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَوَقَفَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤْتَمًّا بِهِ وَحْدَهُ فَأَدَارَ عليه السلام كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى جَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ، قَالُوا: فَقَدْ صَارَ جَابِرٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الإِدَارَةِ. قال علي: وهذا لاَ حُجَّةَ فِيهِ لَهُمْ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ ضَرْبُ السُّنَنِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ. وَهَذَا تَلاَعُبٌ بِالدِّينِ وَلَيْتَ شِعْرِي مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ تَرَكَ حَدِيثَ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ لِحَدِيثِ وَابِصَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ وَبَيْنَ مَنْ تَرَكَ حَدِيثَ وَابِصَةَ، وَعَلِيٍّ لِحَدِيثِ جَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَهَلْ هَذَا كُلُّهُ إلاَّ بَاطِلٌ بَحْتٌ، وَتَحَكُّمٌ بِلاَ بُرْهَانٍ بَلْ الْحَقُّ فِي ذَلِكَ الأَخْذُ بِكُلِّ ذَلِكَ، فَكُلُّهُ حَقٌّ، وَلاَ يَحِلُّ خِلاَفُهُ، فَإِدَارَةُ الإِمَامِ مَنْ صَلَّى عَنْ يَسَارِهِ إلَى يَمِينِهِ حَقٌّ، وَلاَ تَبْطُلُ بِذَلِكَ الصَّلاَةُ، وَبِخِلاَفِ مَنْ صَلَّى عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ فَصَلاَةُ هَذَيْنِ بَاطِلٌ، بِخِلاَفِ حُكْمِ الْمُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ، وَمَا سُمِّيَ قَطُّ الْمُدَارُ عَنْ شِمَالٍ إلَى يَمِينٍ مُصَلِّيًا وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ وَمَوَّهُوا أَيْضًا بِخَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ إذَا أَتَى وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ دَخَلَ الصَّفَّ. قال علي: وهذا الخبر حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لَنَا؛ لاَِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ حَدَّثَنَا قَالَ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا حُمَيْدٍ بْنُ مَسْعَدَةَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: حدثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ زِيَادٍ الأَعْلَمِ، حدثنا الْحَسَنُ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ حَدَّثَ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَنَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِعٌ، قَالَ: فَرَكَعْتُ دُونَ الصَّفِّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا، وَلاَ تَعُدْ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حدثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ الأَعْلَمِ هُوَ زِيَادٌ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَقَدْ رَكَعَ، فَرَكَعَ ثُمَّ دَخَلَ الصَّفَّ وَهُوَ رَاكِعٌ؛ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَيُّكُمْ دَخَلَ الصَّفَّ وَهُوَ رَاكِعٌ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرَةَ: أَنَا، قَالَ: زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا، وَلاَ تَعُدْ. قَالَ عَلِيٌّ: فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الرُّكُوعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ دُخُولَ الصَّفِّ كَذَلِكَ لاَ يَحِلُّ فإن قيل: فَهَلاَّ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالإِعَادَةِ كَمَا أَمَرَ الَّذِي أَسَاءَ الصَّلاَةَ وَاَلَّذِي صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ قلنا: نَحْنُ عَلَى يَقِينٍ نَقْطَعُ بِهِ أَنَّ الرُّكُوعَ دُونَ الصَّفِّ إنَّمَا حَرُمَ حِينَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلاَ إعَادَةَ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّهْيِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا قَبْلَ النَّهْيِ؛ لَمَا أَغْفَلَ عليه السلام أَمْرَهُ بِالإِعَادَةِ، كَمَا فَعَلَ مَعَ غَيْرِهِ. فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ أَجَازَ صَلاَةَ الْمُنْفَرِدِ خَلْفَ الصَّفِّ، وَصَلاَةُ مَنْ لَمْ يُقِمْ الصُّفُوفَ: حُجَّةٌ أَصْلاً، لاَ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ، وَلاَ إجْمَاعٍ وَبِقَوْلِنَا يَقُولُ السَّلَفُ الطَّيِّبُ: رُوِّينَا بِأَصَحِّ إسْنَادٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: كُنْت فِيمَنْ ضَرَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدَمَهُ لاِِقَامَةِ الصَّفِّ فِي الصَّلاَةِ . قَالَ عَلِيٌّ: مَا كَانَ رضي الله عنه لِيَضْرِبَ أَحَدًا وَيَسْتَبِيحَ بَشَرَةً مُحَرَّمَةً عَلَى غَيْرِ فَرْضٍ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عن ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَبْعَثُ رِجَالاً يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، فَإِذَا جَاءُوا: كَبَّرَ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِمَامِ نَهْرٌ أَوْ حَائِطٌ أَوْ طَرِيقٌ فَلَيْسَ مَعَ الإِمَامِ وَعَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ فِي خُطْبَتِهِ قَلَّمَا يَدَعُ ذَلِكَ كَلاَمًا فِيهِ: إذَا قَامَتْ الصَّلاَةُ فَاعْدِلُوا الصُّفُوفَ، وَحَاذُوا بِالْمَنَاكِبِ، فَإِنَّ اعْتِدَالَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ، ثُمَّ لاَ يُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَهُ رِجَالٌ قَدْ وَكَّلَهُمْ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فَيُخْبِرُونَهُ أَنَّهَا اسْتَوَتْ فَيُكَبِّرُ. هَذَا فِعْلُ الْخَلِيفَتَيْنِ رضي الله عنهما بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم،، لاَ يُخَالِفُهُمْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ. وَعَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: اعْدِلُوا الصُّفُوفَ وَصُفُّوا الأَقْدَامَ وَحَاذُوا بِالْمَنَاكِبِ. وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عِمْرَانَ الْجُعْفِيِّ عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: كَانَ بِلاَلٌ هُوَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْرِبُ أَقْدَامَنَا فِي الصَّلاَةِ وَيُسَوِّي مَنَاكِبَنَا. فَهَذَا بِلاَلٌ مَا كَانَ: لِيَضْرِبَ أَحَدًا عَلَى غَيْرِ الْفَرْضِ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ اعْتِدَالُ الصَّفِّ. وَ، أَنَّهُ قَالَ: لاََنْ تَخِرَّ ثَنِيَّتَايَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَرَى خَلَلاً فِي الصَّفِّ فَلاَ أَسُدَّهُ قال علي: هذا لاَ يُتَمَنَّى فِي تَرْكِ مُبَاحٍ أَصْلاً وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إيَّاكُمْ وَمَا بَيْنَ السَّوَارِي، وَعَلَيْكُمْ بِالصَّفِّ الأَوَّلِ. وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ: رَأَيْت الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ يَتَخَلَّلُ الصُّفُوفَ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: وَاَللَّهِ لَتُقَيِّمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفْنَ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ. وَقِيلَ لاَِنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَتُنْكِرُ شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ، إلاَّ أَنَّكُمْ لاَ تُقَيِّمُونَ الصُّفُوفَ. قَالَ عَلِيٌّ: الْمُبَاحُ لاَ يَكُونُ مُنْكَرًا وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ الأَمْرُ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَعَنْ عَطَاءٍ: عَلَى النَّاسِ أَنْ يُسَوُّوا الصُّفُوفَ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ: سَوُّوا الصُّفُوفَ، فَإِنَّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ إقَامَةَ الصَّفِّ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي الرَّجُلِ يَجِيءُ وَقَدْ تَمَّ الصَّفُّ: إنْ قَدَرَ فَلْيَدْخُلْ مَعَهُمْ فِي الصَّفِّ، أَوْ يَجْتَذِبُ رَجُلاً فَيُصَلِّي مَعَهُ، فَإِنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيُعِدْ الصَّلاَةَ. وَعَنْ شُعْبَةَ قَالَ: سَأَلْت الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ عَنْ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ قَالَ: يُعِيدُ. وَبِبُطْلاَنِ صَلاَةِ مَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ مُنْفَرِدًا يَقُولُ الأَوْزَاعِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ. وَوَاجِبٌ عَلَى مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَنْ يَقُولَ " اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك " فَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ فَلْيَقُلْ: " اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ فَضْلِك ". وَهَذَا إنَّمَا هُوَ مِنْ شُرُوطِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ مَتَى دَخَلَهُ، لاَ مِنْ شُرُوطِ الصَّلاَةِ، فَصَلاَةُ مَنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ جَائِزَةٌ، وَقَدْ عَصَى فِي تَرْكِهِ قَوْلَ مَا أُمِرَ بِهِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ، هُوَ ابْنُ سُوَيْد الأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ أَوْ عَنْ أَبِي أُسَيْدَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ فَضْلِكَ. قَالَ عَلِيٌّ: أَيُّهُمَا كَانَ فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ مَنْ بَعْدَهُ. وَفُرِضَ عَلَى كُلِّ مَأْمُومٍ أَنْ لاَ يَرْفَعَ، وَلاَ يَرْكَعَ، وَلاَ يَسْجُدَ، وَلاَ يُكَبِّرَ، وَلاَ يَقُومَ، وَلاَ يُسَلِّمَ قَبْلَ إمَامِهِ، وَلاَ مَعَ إمَامِهِ؛ فَإِنْ فَعَلَ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ؛ لَكِنْ بَعْدَ تَمَامِ كُلِّ ذَلِكَ مِنْ إمَامِهِ؛ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ سَاهِيًا فَلْيَرْجِعْ، وَلاَ بُدَّ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْهُ بَعْدَ كُلِّ ذَلِكَ مِنْ إمَامِهِ وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حدثنا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، حدثنا أَبُو مُوسَى قَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّةَ الْخَيْرِ، وَعَلَّمَنَا صَلاَتَنَا، فَقَالَ: إذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَالَ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، وَلاَ الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ يُجِبْكُمْ اللَّهُ فَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا، فَإِنَّ الإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ، فَتِلْكَ بِتِلْكَ وَإِذَا كَبَّرَ وَسَجَدَ فَكَبِّرُوا وَاسْجُدُوا، فَإِنَّ الإِمَامَ يَسْجُدُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ، فَتِلْكَ بِتِلْكَ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ السَّبِيعِيُّ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الأَنْصَارِيُّ، حدثنا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ. وَقَدْ رُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ. وبه إلى الْبُخَارِيِّ: حدثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حدثنا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ، أَوْ لاَ يَخْشَى أَحَدُكُمْ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ؛ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ. حدثنا حمام، حدثنا ابْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، حدثنا الْحُمَيْدِيُّ، حدثنا سُفْيَانُ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عن ابْنِ مُحَيْرِيزٍ سَمِعْت مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ، وَلاَ السُّجُودِ فَإِنِّي قَدْ بَدَّنْتُ فَمَهْمَا أَسْبِقْكُمْ بِهِ إذَا رَكَعْتُ فَإِنَّكُمْ تُدْرِكُونِي بِهِ إذَا رَفَعْتُ، وَمَهْمَا أَسْبِقْكُمْ بِهِ إذَا سَجَدْتُ فَإِنَّكُمْ تُدْرِكُونِي بِهِ إذَا رَفَعْتُ وَبِهِ قَالَ السَّلَفُ. رُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: إنَّ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ وَيَخْفِضُ قَبْلَهُ فَإِنَّ نَاصِيَتَهُ بِيَدِ شَيْطَانٍ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: مَا يُؤْمِنُ الرَّجُلُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ تَعُودَ رَأْسُهُ رَأْسَ كَلْبٍ. قَالَ عَلِيٌّ: لاَ وَعِيدَ أَشَدَّ مِنْ الْمَسْخِ فِي صُورَةِ كَلْبٍ أَوْ حِمَارٍ، وَلاَ عُقُوبَةَ أَعْظَمَ مِنْ إسْلاَمِ نَاصِيَةِ الْمَرْءِ إلَى يَدِ الشَّيْطَانِ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: لاَ تُبَادِرُوا أَئِمَّتَكُمْ بِالسُّجُودِ، فَإِنْ سَبَقَكُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَلْيَضَعْ أَحَدُكُمْ رَأْسَهُ كَقَدْرِ مَا سَبَقَ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلُ هَذَا حَرْفًا حَرْفًا. قَالَ عَلِيٌّ: وَالْمَعْصِيَةُ الْمُحَرَّمَةُ الْمُبْعِدَةُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لاَ تَنُوبُ عَنْ الطَّاعَةِ الْمُفْتَرَضَةِ الْمُقَرِّبَةِ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ. فَمَنْ كَانَ عَلِيلَ الْبَصَرِ وَخَشِيَ ضَرَرًا مِنْ طُولِ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ فَلْيُؤَخِّرْ ذَلِكَ إلَى قُرْبِ رَفْعِ الإِمَامِ رَأْسَهُ بِمِقْدَارِ مَا يَرْكَعُ وَيَطْمَئِنُّ وَيَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ثُمَّ يَرْفَعُ بَعْدَ رَفْعِ الإِمَامِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
وَلاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُكَبِّرَ قَبْلَ إمَامِهِ إلاَّ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: أَحَدُهَا: مَنْ دَخَلَ خَلْفَ إمَامٍ فَلَمَّا كَبَّرَ الإِمَامُ وَكَبَّرَ النَّاسُ ذَكَرَ الإِمَامُ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، فَإِنَّهُ يُشِيرُ إلَى النَّاسِ أَنْ اُمْكُثُوا، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَتَطَهَّرُ، ثُمَّ يَأْتِي فَيَبْتَدِئُ التَّكْبِيرَ لِلإِحْرَامِ، وَهُمْ بَاقُونَ عَلَى مَا كَبَّرُوا؛ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ، رضي الله عنهم، وَالثَّانِي: أَنْ يُكَبِّرَ الإِمَامُ وَيُكَبِّرَ النَّاسُ بَعْدَهُ ثُمَّ يُحْدِثُ، فَيَسْتَخْلِفُ مَنْ دَخَلَ حِينَئِذٍ، فَيَصِيرُ إمَامًا مَكَانَهُ، وَيَكُونُ الْمُؤْتَمُّونَ بِهِ قَدْ كَبَّرُوا قَبْلَهُ وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْ الْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ، وَالشَّافِعِيِّينَ، وَالْحَنْبَلِيِّينَ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَغِيبَ الإِمَامُ الرَّاتِبُ فَيَسْتَخْلِفَ النَّاسُ مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ ثُمَّ يَأْتِي الإِمَامُ الرَّاتِبُ فَيَتَأَخَّرُ الْمُقَدَّمُ، وَيَتَقَدَّمُ هُوَ، فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ وَقَدْ كَبَّرَ الْمَأْمُومُونَ قَبْلَهُ، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً إذْ مَضَى عليه السلام إلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ، فَقَدَّمَ النَّاسُ لِلصَّلاَةِ الَّتِي حَضَرَتْ أَبَا بَكْرٍ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ بَانِينَ عَلَى مَا صَلَّوْا مَعَ أَبِي بَكْرٍ. وَكَمَا فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ صَلاَةٍ صَلاَّهَا بِالْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالرَّابِعُ: مَنْ كَانَ مَعْذُورًا فِي تَرْكِ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ أَوْ يَئِسَ عَنْ أَنْ يَجِدَ جَمَاعَةً فَبَدَأَ الصَّلاَةَ فَلَمَّا دَخَلَ فِيهَا أَتَى الإِمَامُ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي صَلاَةِ الإِمَامِ وَيَعْتَدُّ بِتَكْبِيرِهِ وَبِمَا صَلَّى، لاَِنَّهُ كَبَّرَ كَمَا أُمِرَ، وَصَلَّى مَا مَضَى مِنْ صَلاَتِهِ كَمَا أُمِرَ، وَمَنْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ أَحْسَنَ فَلاَ يَجُوزُ إبْطَالُ مَا عَمِلَ إلاَّ بِنَصِّ: قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لاَِحَدٍ أَنْ يُسَلِّمَ قَبْلَ إمَامِهِ إلاَّ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: أَحَدُهَا: صَلاَةُ الْخَوْفِ، كَمَا نَذْكُرُ فِي أَبْوَابِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالثَّانِي: مَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ أَوْ يَئِسَ عَنْ وُجُودِ جَمَاعَةٍ فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ ثُمَّ أَتَى الإِمَامُ، فَصَارَ هَذَا مُؤْتَمًّا بِهِ وَتَمَّتْ صَلاَتُهُ قَبْلَ صَلاَةِ الإِمَامِ، فَهَذَا مُخَيَّرٌ، إنْ شَاءَ سَلَّمَ وَنَهَضَ؛ لاَِنَّ صَلاَتَهُ قَدْ تَمَّتْ. وَلاَ يَجُوزُ لَهُ الاِئْتِمَامُ بِالإِمَامِ فِي أَحْوَالٍ يَفْعَلُهَا الإِمَامُ مِنْ صَلاَتِهِ، وَلاَ يَحِلُّ لِلْمُؤْتَمِّ أَنْ يَزِيدَهَا فِي صَلاَتِهِ؛ فَإِذْ لاَ يَجُوزُ لَهُ الاِئْتِمَامُ بِالإِمَامِ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ إمَامَتِهِ وَتَمَّتْ صَلاَتُهُ، فَلْيُسَلِّمْ، وَإِنْ شَاءَ يَتَمَادَى عَلَى تَشَهُّدِهِ وَدُعَائِهِ، حَتَّى إذَا سَلَّمَ الإِمَامُ سَلَّمَ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ. وَالثَّالِثُ: مُسَافِرٌ دَخَلَ خَلْفَ مَنْ يُتِمُّ الصَّلاَةَ إمَّا مُقِيمًا وَأَمَّا مُتَأَوِّلاً مَعْذُورًا بِخَطَئِهِ فَإِذَا تَمَّتْ لِلْمَأْمُومِ رَكْعَتَانِ بِسَجْدَتَيْهِمَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلاَتُهُ؛ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ سَلاَمٍ أَوْ تَمَادَى عَلَى الْجُلُوسِ وَالدُّعَاءِ، وَإِنْ شَاءَ بَعْدَ سَلاَمِهِ أَنْ يَنْهَضَ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الإِمَامِ بَاقِيَ صَلاَتِهِ مُتَطَوِّعًا فَذَلِكَ لَهُ وَالرَّابِعُ: مَنْ طَوَّلَ عَلَيْهِ الإِمَامُ تَطْوِيلاً يَضُرُّ بِهِ فِي نَفْسِهِ، أَوْ فِي ضَيَاعِ مَالِهِ؛ فَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ إمَامَتِهِ، وَيُتِمَّ صَلاَتَهُ لِنَفْسِهِ، وَيُسَلِّمَ وَيَنْهَضَ لِحَاجَتِهِ: كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حدثنا سُفْيَانُ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو، هُوَ ابْنُ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَأْتِي فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ، فَصَلَّى لَيْلَةً مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ، ثُمَّ أَتَى قَوْمَهُ فَأَمَّهُمْ، فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَانْحَرَفَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ وَانْصَرَفَ، فَقَالُوا لَهُ: أَنَافَقْتَ يَا فُلاَنُ قَالَ: لاَ وَاَللَّهِ، وَلاَتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاَُخْبِرَنَّهُ؛ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا أَصْحَابُ نَوَاضِحَ نَعْمَلُ بِالنَّهَارِ، وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى مَعَك الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَى فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُعَاذٌ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ اقْرَأْ بِكَذَا، وَاقْرَأْ بِكَذَا وَذَكَرَ بَاقِيَ الْكَلاَمِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثنا غُنْدَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيَؤُمُّهُمْ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ فَقَرَأَ بِالْبَقَرَةِ فَانْصَرَفَ رَجُلٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: فَتَّانٌ فَتَّانٌ فَتَّانٌ أَوْ قَالَ: فَاتِنًا فَاتِنًا فَاتِنًا وَأَمَرَهُ بِسُورَتَيْنِ مِنْ أَوْسَطِ الْمُفَصَّلِ. وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، مَعَ النَّصِّ وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ إسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: إذَا تَشَهَّدَ الرَّجُلُ وَخَافَ أَنْ يُحْدِثَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الإِمَامُ فَلْيُسَلِّمْ وَقَدْ تَمَّتْ صَلاَتُهُ، وَلاَ نَعْلَمُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، فِي ذَلِكَ مُخَالِفًا. وَبِكُلِّ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا، قَدْ قَالَتْ طَوَائِفُ مِنْ السَّلَفِ، رضي الله عنهم. وَمَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان مِنْ الْمَسْجِدِ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ إخْرَاجُهُ عَنْهُ وَكَذَلِكَ إنْ قَامَ عَنْهُ غَيْرَ تَارِكٍ لَهُ فَرَجَعَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ؛ لاَِنَّ الْمَسْجِدَ لِجَمِيعِ النَّاسِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقَامَ أَحَدٌ عَنْ مَكَانِهِ: حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ. وَلاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّي أَمَامَ الإِمَامِ إلاَّ لِضَرُورَةِ حَبْسٍ فَقَطْ، أَوْ فِي سَفِينَةٍ حَيْثُ لاَ يُمْكِنُ غَيْرُ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حدثنا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَبِي حَرَزَةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ، قَالَ جَابِرٌ: فَتَوَضَّأْتُ مِنْ مُتَوَضَّأِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ يَقْضِي حَاجَتَهُ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ، ثُمَّ جِئْتُ حَتَّى قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَقَامَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا جَمِيعًا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ. فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الاِثْنَانِ فَصَاعِدًا خَلْفَ الإِمَامِ، وَلاَ بُدَّ؛ وَيَكُونُ الْوَاحِدُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ، وَلاَ بُدَّ؛ لاَِنَّ دَفْعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَابِرًا وَجَبَّارًا إلَى مَا وَرَاءَهُ أَمْرٌ مِنْهُ عليه السلام بِذَلِكَ لاَ يَجُوزُ تَعَدِّيهِ، وَإِدَارَتَهُ جَابِرًا إلَى يَمِينِهِ كَذَلِكَ؛ فَمَنْ صَلَّى بِخِلاَفِ مَا أُمِرَ بِهِ عليه السلام فَلاَ صَلاَةَ لَهُ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: إنَّ الاِثْنَيْنِ يَكُونَانِ حِفَافَيْ الإِمَامِ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِرِوَايَةٍ رُوِّينَاهَا عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ: أَنَّهُمَا صَلَّيَا مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَقَامَ بَيْنَهُمَا، وَجَعَلَ أَحَدَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ. وَالآخَرَ عَنْ شِمَالِهِ، وَقَامَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ رَكَعَ بِهِمَا، فَوَضَعَا أَيْدِيَهُمَا عَلَى رُكَبِهِمَا، فَضَرَبَ أَيْدِيَهُمَا ثُمَّ طَبَّقَ يَدَيْهِ فَجَعَلَهُمَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقٍ فِيهَا هَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ وَأُخْرَى فِيهَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ وَكِلاَهُمَا مَتْرُوكٌ: أَنَّ هَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ عليه السلام إذَا كَانُوا ثَلاَثَةً. قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا رِوَايَةُ الأَعْمَشِ وَهِيَ الثَّابِتَةُ فَلاَ بَيَانَ فِيهَا إلَى أَيِّ شَيْءٍ أَشَارَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِقَوْلِهِ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى مَوْقِفِ الإِمَامِ بَيْنَ الْمَأْمُومَيْنِ وَإِلَى التَّطْبِيقِ مَعًا أَمْ إلَى التَّطْبِيقِ وَحْدَهُ وَإِذْ لاَ بَيَانَ فِي ذَلِكَ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ الْيَقِينُ لِلظُّنُونِ. ثُمَّ حَتَّى لَوْ صَحَّ هَذَا مُسْنَدًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَانَ إبْعَادُهُ عليه السلام لِجَابِرٍ، وَجَبَّارٍ، عَنْ كَوْنِهِمَا حِفَافَيْهِ وَإِيقَافُهُمَا خَلْفَهُ: مُدْخِلاً لَنَا فِي يَقِينِ مَنْعِ الاِثْنَيْنِ مِنْ كَوْنِهِمَا حِفَافَيْ الإِمَامِ، وَأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ، وَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَجَوَازُ كَوْنِ الاِثْنَيْنِ حِفَافَيْ الإِمَامِ قَدْ حَرُمَ بِيَقِينٍ؛ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ إلَى الْجَوَازِ مَا قَدْ تُيُقِّنَ تَحْرِيمُهُ إلاَّ بِنَصٍّ جَلِيٍّ بِعَوْدَتِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَكُلُّ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ الإِمَامُ الْمُحْدِثُ فَإِنَّهُ لاَ يُصَلِّي إلاَّ صَلاَةَ نَفْسِهِ لاَ عَلَى صَلاَةِ إمَامِهِ الْمُسْتَخْلِفِ لَهُ، وَيَتْبَعُهُ الْمَأْمُومُونَ فِيمَا يَلْزَمُهُمْ، وَلاَ يَتْبَعُونَهُ فِيمَا لاَ يَلْزَمُهُمْ؛ بَلْ يَقِفُونَ عَلَى حَالِهِمْ، يَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يَبْلُغَ إلَى مَا هُمْ فِيهِ فَيَتْبَعُوهُ حِينَئِذٍ وقال أبو حنيفة، وَمَالِكٌ: بَلْ يُصَلِّي الإِمَامُ الْمُسْتَخْلِفُ كَمَا كَانَ يُصَلِّي لَوْ كَانَ مَأْمُومًا، وَعَلَى حُكْمِ صَلاَةِ إمَامِهِ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ قَالَ عَلِيٌّ: مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً إلاَّ أَنَّهُمْ وَنَحْنُ تَنَازَعْنَا فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ قَالَ عَلِيٌّ: وَالإِمَامُ الَّذِي أَحْدَثَ وَاسْتَخْلَفَ وَخَرَجَ فَقَدْ بَطَلَتْ إمَامَتُهُ بِإِجْمَاعٍ مِنَّا وَمِنْهُمْ وَبِضَرُورَةِ الْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ؛ لاَِنَّهُ الآنَ فِي دَارِهِ يُحْدِثُ أَوْ يَأْكُلُ أَوْ يَعْمَلُ مَا اللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِهِ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ، وَأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَكَانَ مُؤْتَمًّا عِنْدَكُمْ لاَ إمَامًا، فَقَدْ أَيْقَنَّا: أَنَّ إمَامَتَهُ قَدْ بَطَلَتْ، فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا قلنا: بَقِيَ حُكْمُ إمَامَتِهِ، لاَ إمَامَتُهُ قلنا فِي هَذَا نَازَعْنَاكُمْ، فَلَيْسَ دَعْوَاكُمْ حُجَّةً لِنَفْسِهَا، وَإِذْ قَدْ أَقْرَرْتُمْ أَنَّ إمَامَتَهُ قَدْ بَطَلَتْ، وَأَنَّهُ لَيْسَ إمَامًا فَلاَ يَجُوزُ بَقَاءُ حُكْمِ إمَامَةٍ قَدْ بَطَلَتْ أَصْلاً وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ بِإِجْمَاعٍ مِنَّا وَمِنْهُمْ الإِمَامُ الَّذِي أَمَرَ عليه السلام أَنْ نَأْتَمَّ بِهِ، وَأَنْ نُكَبِّرَ إذَا كَبَّرَ، وَنَرْفَعَ إذَا رَفَعَ، وَنَرْكَعَ إذَا رَكَعَ، وَنَسْجُدَ إذَا سَجَدَ؛ فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ فَهُوَ الإِمَامُ لاَ الْمَأْمُومُ، وَالإِمَامُ هُوَ الْمَأْمُورُ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالصَّلاَةِ كَمَا أُمِرَ؛ وَالْمُؤْتَمُّونَ بِهِ هُمْ الْمَأْمُورُونَ بِالاِئْتِمَامِ بِهِ، فَإِنْ قَالُوا: فَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: إنَّ الْمَأْمُومَ إذَا أَتَمَّ صَلاَتَهُ لَمْ يَنْتَظِرْ الإِمَامَ قلنا: نَعَمْ، وَهَؤُلاَءِ لَمْ تَتِمَّ صَلاَتُهُمْ بَعْدُ. فَوَاجِبٌ عَلَيْهِمْ انْتِظَارُهُ، كَمَا فَعَلَ الْمُسْلِمُونَ فِي انْتِظَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ خَرَجَ ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ اغْتَسَلَ، وَكَمَا فَعَلُوا فِي صَلاَةِ الْخَوْفِ؛ لاَِنَّهُمْ بَعْدُ مُؤْتَمُّونَ بِهِ، وَهُوَ إمَامُهُمْ، وَصَلاَتُهُمْ لَمْ تَتِمَّ، فَلاَ عُذْرَ لَهُمْ فِي الْخُرُوجِ عَنْ الاِئْتِمَامِ بِهِ، وَلاَ يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَتْبَعُوهُ فِيمَا لَيْسَ مِنْ صَلاَتِهِمْ فَيَزِيدُوا فِيهَا بِالْعَمْدِ مَا قَدْ صَلَّوْهُ، فَوَجَبَ انْتِظَارُهُمْ إيَّاهُ، وَلاَ بُدَّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا مَنْ تَمَّتْ صَلاَتُهُ مِنْهُمْ، فَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ وَإِنْ شَاءَ أَطَالَ التَّشَهُّدَ؛ فَذَلِكَ لَهُ، حَتَّى يُسَلِّمَ مَعَ الإِمَامِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ عَنْ مَوْلاَهُ فَلاَ تُقْبَلُ لَهُ صَلاَةٌ حَتَّى يَرْجِعَ، إلاَّ أَنْ يَكُونَ أَبَقَ لِضَرَرٍ مُحَرَّمٍ لاَ يَجِدُ مَنْ يَنْصُرُهُ مِنْهُ، فَلَيْسَ آبِقًا حِينَئِذٍ إذَا نَوَى بِذَلِكَ الْبُعْدَ عَنْهُ فَقَطْ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، حدثنا جَرِيرٌ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ وَبِهَذَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ؛ كَمَا رُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حدثنا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ وَأَنَا صَبِيٌّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ فِي الآبِقِ: لاَ تُقْبَلُ لَهُ صَلاَةٌ. قال علي: هذا صَاحِبٌ لاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، مُخَالِفٌ، وَخُصُومُنَا يَشْغَبُونَ بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ. وَمَنْ صَلَّى مِنْ الرِّجَالِ وَهُوَ لاَبِسٌ مُعَصْفَرًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ إذَا كَانَ ذَكَرًا عَالِمًا بِالنَّهْيِ وَإِلاَّ فَلاَ؛ فَإِنْ كَانَ مَصْبُوغًا بِعُصْفُرٍ لاَ يَظْهَرُ فِيهِ إلاَّ أَنَّهُ لاَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ " مُعَصْفَرٌ " فَصَلاَتُهُ فِيهِ جَائِزَةٌ، وَالصَّلاَةُ فِيهِ جَائِزَةٌ لِلنِّسَاءِ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا الْقَعْنَبِيُّ، حدثنا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَعَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَعَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ، وَعَنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ. وَبِهَذَا يَقُولُ بَعْضُ السَّلَفِ الصَّالِحِ: كَمَا رُوِّينَا عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى عَلَى رَجُلٍ ثَوْبًا مُعَصْفَرًا فَقَالَ: دَعُوا هَذِهِ الْبَرَّاقَاتِ لِلنِّسَاءِ. وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ بُدَيْلِ الْعُقَيْلِيِّ عَنْ أَبِي الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صَرْدِ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى رَجُلٍ ثَوْبَيْنِ مُمَصَّرَيْنِ فَقَالَ: أَلْقِ هَذَيْنِ عَنْك؛ لَعَلَّك أَنْ تُوهَمَ مِنْ عَمَلِك مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا. قال علي: هذا تَشْدِيدٌ عَظِيمٌ جِدًّا وَرُوِّينَا أَنَّ أُمَّ الْفَضْلَ بِنْتَ غِيلاَنَ: أَرْسَلَتْ إلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ تَسْأَلُهُ عَنْ الْعُصْفُرِ فَقَالَ أَنَسٌ: لاَ بَأْسَ بِهِ لِلنِّسَاءِ. قَالَ عَلِيٌّ: صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إبَاحَتُهُ لِلنِّسَاءِ حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حدثنا يَعْقُوبَ، هُوَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، حدثنا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى النِّسَاءَ فِي إحْرَامِهِنَّ عَنْ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ، وَمَا مَسَّ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِنْ الثِّيَابِ، وَلْتَلْبَسْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ مِنْ مُعَصْفَرٍ، أَوْ خَزٍّ، أَوْ حُلِيٍّ، أَوْ سَرَاوِيلَ، أَوْ قَمِيصٍ، أَوْ خُفٍّ. وَمَنْ صَلَّى وَهُوَ يَحْمِلُ شَيْئًا مَسْرُوقًا أَوْ مَغْصُوبًا أَوْ إنَاءَ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ إلاَّ أَنْ يَحْمِلَ الْمَأْخُوذَ بِغَيْرِ حَقِّهِ لِيَرُدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ، أَوْ يَحْمِلَ الإِنَاءَ لِيَكْسِرَهُ: فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ، فَإِنْ صَلَّى وَفِي كَفِّهِ أَوْ حُجْزَتِهِ حُلِيٌّ ذَهَبٌ يَتَمَلَّكُهُ لاَِهْلِهِ، أَوْ لِيَبِيعَهُ، أَوْ ثَوْبٌ حَرِيرٌ كَذَلِكَ، أَوْ دَنَانِيرُ: فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّى وَفِي فِيهِ دِينَارٌ أَوْ لُؤْلُؤَةٌ يُحْرِزُهُمَا بِذَلِكَ فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ. بُرْهَانُ ذَلِكَ: أَنَّهُ عَمِلَ فِي صَلاَتِهِ مَا لاَ يَحِلُّ لَهُ، وَمَنْ عَمِلَ فِي صَلاَتِهِ مَا لاَ يَحِلُّ لَهُ؛ فَلَمْ يُصَلِّ الصَّلاَةَ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا؛ فَإِذَا حَمَلَ ذَلِكَ لِمَا أُمِرَ بِهِ؛ فَلَمْ يَعْمَلْ فِي صَلاَتِهِ إلاَّ مَا أُمِرَ بِهِ؛ فَصَلاَتُهُ صَحِيحَةٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَفُرِضَ عَلَى الرَّجُلِ إنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاسِعٍ أَنْ يَطْرَحَ مِنْهُ عَلَى عَاتِقِهِ أَوْ عَاتِقَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، فَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا اتَّزَرَ بِهِ وَأَجْزَأَهُ، كَانَ مَعَهُ ثِيَابٌ غَيْرَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا أَبُو عَاصِمٍ هُوَ النَّبِيلُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ. وَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ. قَالَ عَلِيٌّ: الْمَعْنَى فِي كِلاَ اللَّفْظَيْنِ وَاحِدٌ، لاَِنَّهُ مَتَى أَلْقَى بَعْضَ الثَّوْبِ عَلَى عَاتِقِهِ فَلَمْ يُصَلِّ فِي ثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ، بَلْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ عَلَى أَحَدِ عَاتِقَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حدثنا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَبِي حَزَرَةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَنَا وَأَبِي فَحَدَّثَنَا فِي حَدِيثٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا جَابِرُ، إذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوِكَ يَعْنِي ثَوْبَهُ. وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ تَقْضِي سَائِرَ الأَخْبَارِ فِي الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَرُوِّينَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ فِي الثَّوْب: إذَا كَانَ وَاسِعًا فَتَوَشَّحَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا فَاِتَّزَرَ بِهِ. وَعَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْك إلاَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، إنْ كَانَ وَاسِعًا فَتَوَشَّحْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَاِتَّزِرْ بِهِ وَعَنْ طَاوُوس بِنَحْوِ هَذَا وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ: لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يُخَمِّرْ عَلَى عَاتِقَيْهِ فِي الصَّلاَةِ. وَلاَ يَجُوزُ لاَِحَدٍ أَنْ يُصَلِّي وَهُوَ مُشْتَمِلُ الصَّمَّاءَ، وَهُوَ أَنْ يَشْتَمِلَ الْمَرْءُ وَيَدَاهُ تَحْتَهُ، الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ سَوَاءٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا عُبَيْدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ خَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ وَعَنْ لُبْسَتَيْنِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: عَنْ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ. وَلاَ تُجْزِئُ الصَّلاَةُ مِمَّنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ مِنْ الرِّجَالِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَهَا أَنْ تُسْبِلَ ذَيْلَ مَا تَلْبَسُ ذِرَاعًا لاَ أَكْثَرَ، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى ذَلِكَ عَالِمَةً بِالنَّهْيِ بَطَلَتْ صَلاَتُهَا وَحَقُّ كُلِّ ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ الرَّجُلُ أَنْ يَكُونَ إلَى الْكَعْبَيْنِ لاَ أَسْفَلَ أَلْبَتَّةَ؛ فَإِنْ أَسْبَلَهُ فَزَعًا أَوْ نِسْيَانًا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ. فَهَذَا عُمُومٌ لِلسَّرَاوِيلِ، وَالإِزَارِ، وَالْقَمِيصِ وَسَائِرِ مَا يُلْبَسُ. وَرَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عن ابْنِ عُمَرَ مُسْنَدًا. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي ذَرٍّ مُسْنَدًا بِوَعِيدٍ شَدِيدٍ. وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عن ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ: الْمُسْبِلُ إزَارَهُ فِي الصَّلاَةِ لَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي حِلٍّ، وَلاَ فِي حَرَامٍ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى مُسْبِلٍ وَعَنْ مُجَاهِدٍ: كَانَ يُقَالُ: مَنْ مَسَّ إزَارُهُ كَعْبَهُ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ لَهُ صَلاَةً فَهَذَا مُجَاهِدٌ يَحْكِي ذَلِكَ عَمَّنْ قَبْلَهُ، وَلَيْسُوا إلاَّ الصَّحَابَةَ، رضي الله عنهم، لاَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ؛ بَلْ مِنْ أَوَاسِطِهِمْ وَعَنْ ذَرِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْهَبِيِّ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ: كَانَ يُقَالُ: مَنْ جَرَّ ثِيَابَهُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ، وَلاَ نَعْلَمُ لِمَنْ ذَكَرْنَا مُخَالِفًا مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم. قَالَ عَلِيٌّ: فَمَنْ فَعَلَ فِي صَلاَتِهِ مَا حَرُمَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ فَلَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ، وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد السِّجِسْتَانِيُّ، حدثنا النُّفَيْلِيُّ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا مُحَمَّدٌ، حدثنا زُهَيْرُ، هُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: إنَّ أَحَدَ جَانِبَيْ إزَارِي يَسْتَرْخِي إلاَّ أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَسْت مِمَّنْ يَفْعَلُهُ خُيَلاَءَ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ الْقُومِسِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنْ الْخُيَلاَءِ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَيْهِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ قَالَ: تُرْخِينَهُ شِبْرًا؛ قَالَتْ: إذَنْ تَنْكَشِفَ أَقْدَامُهُنَّ؛ قَالَ: تُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لاَ يَزِدْنَ عَلَيْهِ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِي، حدثنا سُفْيَانُ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، حدثنا الْعَلاَءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْت أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ، وَمَا أَسْفَلُ ذَلِكَ فِي النَّارِ، لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى مَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَرًا. وَالصَّلاَةُ جَائِزَةٌ فِي ثَوْبِ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ، مَا لَمْ يُوقِنْ فِيهَا شَيْئًا يَجِبُ اجْتِنَابُهُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: قَالَ تَعَالَى: وَقَالَ تَعَالَى: قلنا: نَعَمْ، وَالآنِيَةُ غَيْرُ الثِّيَابِ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا. وَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى تَحْرِيمَ ثِيَابِهِمْ لَبَيَّنَ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فَعَلَ بِالآنِيَةِ وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الصَّلاَةِ فِي ثِيَابِهِمْ يُبِيحُ آنِيَتَهُمْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَهَذَا عَكْسُ الْحَقَائِقِ وَإِبَاحَةُ الصَّلاَةِ فِي ثِيَابِ الْمُشْرِكِينَ هُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَدَاوُد بْنِ عَلِيٍّ، وَبِهِ نَقُولُ.
وَلاَ يُجْزِئ أَحَدًا مِنْ الرِّجَالِ أَنْ يُصَلِّي وَقَدْ زَعْفَرَ جِلْدَهُ بِالزَّعْفَرَانِ، فَإِنْ صَبَغَ ثِيَابَهُ، أَوْ عِمَامَتَهُ، بِالزَّعْفَرَانِ، أَوْ زَعْفَرَ لِحْيَتَهُ، فَحَسَنٌ، وَصَلاَتُهُ بِكُلِّ ذَلِكَ جَائِزَةٌ حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ كِلاَهُمَا عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ. هَذَا لَفْظُ إسْمَاعِيلَ، وَلَفْظُ حَمَّادٍ، عَنْ التَّزَعْفُرِ لِلرِّجَالِ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ، حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ، حدثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيّ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ جَدَّيْهِ قَالاَ: سَمِعْنَا أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةَ رَجُلٍ فِي جَسَدِهِ شَيْءٌ مِنْ خَلُوقٍ. قَالَ عَلِيٌّ: الْخَلُوقُ الزَّعْفَرَانُ، وَأَوَّلُ مَرَاتِبِ هَذَا الْخَبَرِ كَوْنُهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي مُوسَى. قال علي: هذا النَّهْيُ نَاسِخٌ لِمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ مِنْ إبَاحَتِهِ عليه السلام لاََنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ، إذْ رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ حِينَ تَزَوَّجَ وَعَلَيْهِ الْخَلُوقُ، فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ؛ إذْ الأَصْلُ فِي ذَلِكَ الإِبَاحَةُ، ثُمَّ طَرَأَ النَّهْيُ فَجَاءَ نَاسِخًا حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، حدثنا الدَّرَاوَرْدِيُّ هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالْخَلُوقِ، فَقُلْت: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنَّك تُصَفِّرُ لِحْيَتَك بِالْخَلُوقِ قَالَ: [ إنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَفِّرُ بِهَا لِحْيَتَهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ الصَّبْغِ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْهَا؛ وَلَقَدْ كَانَ يَصْبُغُ بِهَا ثِيَابَهُ كُلَّهَا حَتَّى عِمَامَتَهُ. قَالَ عَلِيٌّ: وَلَمْ يَنْهَ عليه السلام النِّسَاءَ عَنْ التَّزَعْفُرِ، فَهُوَ مُبَاحٌ لَهُنَّ. قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَلاَ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَفِّقَ بِيَدَيْهِ فِي صَلاَتِهِ، فَإِنْ فَعَلَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالنَّهْيِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ؛ لَكِنْ إنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيُسَبِّحْ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَحُكْمُهَا إنْ نَابَهَا شَيْءٌ فِي صَلاَتِهَا أَنْ تُصَفِّقَ بِيَدَيْهَا، فَإِنْ سَبَّحَتْ: فَحَسَنٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَدَاوُد. وقال أبو حنيفة: إنْ سَبَّحَ الرَّجُلُ مُرِيدًا إفْهَامَ غَيْرِهِ بِأَمْرٍ مَا: بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وقال مالك: لاَ تُصَفِّقُ الْمَرْأَةُ بَلْ تُسَبِّحُ. وَكِلاَ الْقَوْلَيْنِ خَطَأٌ، وَخِلاَفٌ لِلثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا أَبُو النُّعْمَانِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَارِمٌ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حدثنا أَبُو حَازِمٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَذَكَرَ حَدِيثًا وَفِيهِ: إنَّ النَّاسَ صَفَّحُوا إذْ رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءُوهُمْ يُصَلُّونَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ إذْ سَلَّمَ إذَا رَابَكُمْ أَمْرٌ فَلْيُسَبِّحْ الرِّجَالُ وَلْيُصَفِّحْ النِّسَاءُ فِي الصَّلاَةِ. قَالَ عَلِيٌّ: لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ التَّصْفِيقَ، وَالتَّصْفِيحَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ الضَّرْبُ بِإِحْدَى صَفْحَتَيْ الأَكُفِّ عَلَى الآُخْرَى وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُمَا قَالاَ: التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ، وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ، وَلاَ يُعْرَفُ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، مُخَالِفٌ وَإِنَّمَا جَازَ التَّسْبِيحُ لِلنِّسَاءِ، لاَِنَّهُ ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَالصَّلاَةُ مَكَانٌ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَلاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ إذَا شَهِدَتْ الْمَسْجِدَ أَنْ تَمَسَّ طِيبًا، فَإِنْ فَعَلَتْ بَطَلَتْ صَلاَتُهَا؛ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْجُمُعَةُ، وَالْعَتَمَةُ، وَالْعِيدُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ، حدثنا بُكَيْر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا شَهِدَتْ إحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلاَ تَمَسَّ طِيبًا. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا ابْنُ السُّلَيْمِ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ، حدثنا حَمَّادُ، هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَلَكِنْ يَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلاَتٌ. قَالَ عَلِيٌّ: إنْ أَمْكَنَ الْمَرْأَةَ أَنْ تَتَطَيَّبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ طِيبًا تَذْهَبُ رِيحُهُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ فَذَلِكَ عَلَيْهَا؛ وَإِلاَّ فَلاَ بُدَّ لَهَا مِنْ تَرْكِ الطِّيبِ أَوْ تَرْكِ الْجُمُعَةِ؛ أَيُّ ذَلِكَ فَعَلَتْ فَمُبَاحٌ لَهَا. وَلاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ وَهِيَ وَاصِلَةٌ شَعْرَهَا بِشَعْرِ إنْسَانٍ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ بِصُوفٍ، أَوْ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ؛ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ أَيْضًا. وَأَمَّا الَّتِي تُضَفِّرُ غَدِيرَتَهَا أَوْ غَدَائِرَهَا بِخَيْطٍ مِنْ حَرِيرٍ، أَوْ صُوفٍ أَوْ كَتَّانٍ، أَوْ قُطْنٍ، أَوْ سَيْرٍ أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ ذَهَبٍ؛ فَلَيْسَتْ وَاصِلَةً، وَلاَ إثْمَ عَلَيْهَا. وَلاَ صَلاَةَ لِلَّتِي تُعَظِّمُ رَأْسَهَا بِشَيْءٍ تَخْتَمِرُ عَلَيْهِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا الْحُمَيْدِيُّ، حدثنا سُفْيَانُ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، حدثنا هِشَامٌ، هُوَ ابْنُ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْمُنْذِرِ تَقُولُ: إنَّهَا سَمِعَتْ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَقُولُ سَأَلَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ ابْنَتِي أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ فَامَّرَقَ شَعْرُهَا وَإِنِّي زَوَّجْتُهَا، أَفَأَصِلُ فِيهِ قَالَ: لَعَنْ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الْحِمْصِيُّ، حدثنا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَعْقُوبَ، هُوَ ابْنُ الْقَعْقَاعِ عَنْ قَتَادَةَ عن ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ مُعَاوِيَةَ، أَنَّهُ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاكُمْ عَنْ الزُّورِ، وَجَاءَ بِخِرْقَةٍ سَوْدَاءَ فَأَلْقَاهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ قَالَ: هُوَ هَذَا تَجْعَلُهُ الْمَرْأَةُ فِي رَأْسِهَا ثُمَّ تَخْتَمِرُ عَلَيْهِ. قَالَ عَلِيٌّ: قَوْلُ مُعَاوِيَةَ: نَهَاكُمْ خِطَابٌ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَمَنْ صَلَّى وَهُوَ عَامِلٌ فِي صَلاَتِهِ حَالاً مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ، فَلَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ؛ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا الَّتِي تَتَوَلَّى وَصْلَ شَعْرِ غَيْرِهَا، وَالْوَاشِمَةُ، وَالْمُسْتَوْشِمَةُ وَالْوَشْمُ: النَّقْشُ فِي الْجِلْدِ ثُمَّ يُعْمَلُ بِالْكُحْلِ الأَسْوَدِ وَالْمُتَفَلِّجَةُ وَالنَّامِصَةُ وَالْمُتَنَمِّصَةُ وَالنَّمْصُ هُوَ نَتْفُ الشَّعْرِ مِنْ الْوَجْهِ فَكُلُّ مَنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ فِي نَفْسِهَا، أَوْ فِي غَيْرِهَا فَمَلْعُونَاتٌ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصَلَوَاتُهُنَّ تَامَّةٌ أَمَّا اللَّعْنَةُ فَقَدْ صَحَّ لَعْنُ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَأَمَّا تَمَامُ صَلاَتِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ بَعْدَ حُصُولِ هَذِهِ الأَعْمَالِ فِيهِنَّ وَمِنْهُنَّ لاَ يَقْدِرْنَ عَلَى التَّبَرُّؤِ مِنْ تِلْكَ الأَحْوَالِ، وَمَنْ عَجَزَ عَمَّا كُلِّفَ سَقَطَ عَنْهُ. قَالَ تَعَالَى: وَقَالَ عليه السلام: إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ. فَلَمْ يُكَلَّفْ أَحَدٌ إلاَّ مَا يَسْتَطِيعُ؛ فَإِذَا عَجَزْنَ عَنْ إزَالَةِ تِلْكَ الأَحْوَالِ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُنَّ إزَالَتُهَا، وَهُنَّ مَأْمُورَاتٌ بِالصَّلاَةِ؛ فَيُؤَدِّينَهَا كَمَا يَقْدِرْنَ. وَأَمَّا الْوَاصِلَةُ فِي شَعْرِ نَفْسِهَا فَقَادِرَةٌ عَلَى إزَالَتِهِ، فَإِذَا لَمْ تُزِلْهُ فَقَدْ اسْتَصْحَبْت فِي صَلاَتِهَا عَمَلاً هِيَ فِيهِ عَاصِيَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَمْ تُصَلِّ كَمَا أُمِرَتْ فَلاَ صَلاَةَ لَهَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَالصَّلاَةُ جَائِزَةٌ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، وَعَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، وَعَلَى كُلِّ سَقْفٍ بِمَكَّةَ، وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْ الْكَعْبَةِ، وَفِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ أَيْنَمَا شِئْت مِنْهَا، الْفَرِيضَةُ وَالنَّافِلَةُ سَوَاءٌ وقال مالك: لاَ تَجُوزُ الصَّلاَةُ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ، الْفَرْضَ خَاصَّةً، وَأَجَازَ فِيهَا التَّنَفُّلَ وَاَلَّذِي قلنا نَحْنُ: هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِمْ. وَاحْتَجَّ أَتْبَاعُ مَالِكٍ بِأَنْ قَالُوا: إنَّ مَنْ صَلَّى دَاخِلَ الْكَعْبَةِ فَقَدْ اسْتَدْبَرَ بَعْضَ الْكَعْبَةِ قَالَ عَلِيٌّ: إنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَيْضًا: فَإِنَّ كُلَّ مَنْ صَلَّى إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ فَلاَ بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَتْرُكَ بَعْضَهَا عَنْ يَمِينِهِ وَبَعْضَهَا عَنْ شِمَالِهِ، وَلاَ فَرْقَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ فِي أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ فِي الصَّلاَةِ، وَبَيْنَ أَنْ يَجْعَلَهَا عَلَى يَمِينِهِ أَوْ عَلَى شِمَالِهِ. فَصَحَّ أَنَّهُ لَمْ يُكَلِّفْنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَطُّ مُرَاعَاةَ هَذَا، وَإِنَّمَا كُلِّفْنَا أَنْ نُقَابِلَ بِأَوْجُهِنَا مَا قَابَلَنَا مِنْ جِدَارِ الْكَعْبَةِ أَوْ مِنْ جِدَارِ الْمَسْجِدِ قُبَالَةَ الْكَعْبَةِ حَيْثُمَا كُنَّا فَقَطْ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَعْبَةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَبِلاَلٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ، فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ وَمَكَثَ فِيهَا، فَسَأَلْتُ بِلاَلاً حِينَ خَرَجَ: مَا صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ وَعَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَثَلاَثَةَ أَعْمِدَةٍ مِنْ وَرَائِهِ ثُمَّ صَلَّى. قَالَ عَلِيٌّ: مَا قَالَ أَحَدٌ قَطُّ إنَّ صَلاَتَهُ الْمَذْكُورَةَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَقَدْ نَصَّ عليه السلام عَلَى أَنَّ الأَرْضَ كُلَّهَا مَسْجِدٌ، وَبَاطِنَ الْكَعْبَةِ أَطْيَبُ الأَرْضِ وَأَفْضَلُهَا، فَهِيَ أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ وَأَوْلاَهَا بِصَلاَةِ الْفَرْضِ وَالنَّافِلَةِ. وَلاَ يَجُوزُ لِغَيْرِ الرَّاكِبِ، أَوْ الْخَائِفِ، أَوْ الْمَرِيضِ أَنْ يُصَلِّي نَافِلَةً إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّافِلَةِ بِلاَ قُرْآنٍ، وَلاَ سُنَّةٍ، وَلاَ إجْمَاعٍ خَطَأٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَكُلُّ مَكَان أَعْلَى مِنْ الْكَعْبَةِ فَإِنَّمَا عَلَيْنَا مُقَابَلَةُ جِهَةَ الْكَعْبَةِ فَقَطْ؛ وَقَدْ هُدِمَتْ الْكَعْبَةُ لِتُجَدَّدَ فَمَا قَالَ أَحَدٌ بِبُطْلاَنِ صَلاَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَمَنْ صَلَّى وَفِي قِبْلَتِهِ مُصْحَفٌ فَذَلِكَ جَائِزٌ، مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ عِبَادَةَ الْمُصْحَفِ؛ إذْ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ، وَلاَ إجْمَاعَ، بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ. وَمَنْ صَلَّى وَفِي قِبْلَتِهِ نَارٌ، أَوْ حَجَرٌ، أَوْ كَنِيسَةٌ، أَوْ بِيعَةٌ، أَوْ بَيْتُ نَارٍ، أَوْ إنْسَانٌ، مُسْلِمٌ، أَوْ كَافِرٌ، أَوْ حَائِضٌ، أَوْ أَيٌّ جِسْمٍ كَانَ حَاشَا الْكَلْبِ، وَالْحِمَارِ، وَغَيْرِ الْمُضْطَجِعَةِ مِنْ النِّسَاء فَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ، لاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا وَبَيْنَ سَائِرِ الأَجْسَامِ كُلِّهَا قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ، وَلاَ إجْمَاعٌ. وَلاَ بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي جِسْمٌ مِنْ أَجْسَامِ الْعَالَمِ؛ فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَهَا بَاطِلٌ؛ لاَِنَّهُ دَعْوَى بِلاَ بُرْهَانٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَالصَّلاَةُ فِي الْبَيْعَةِ، وَالْكَنِيسَةِ، وَبَيْتِ النَّارِ وَالْمَجْزَرَةِ مَا اجْتَنَبَ الْبَوْلَ وَالْفَرْثَ وَالدَّمَ وَعَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَبَطْنِ الْوَادِي، وَمَوَاضِعِ الْخَسْفِ؛ وَإِلَى الْبَعِيرِ وَالنَّاقَةِ، وَلِلتَّحَدُّثِ، وَالنِّيَامِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ: جَائِزَةٌ، مَا لَمْ يَأْتِ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ فِي تَحْرِيمِ الصَّلاَةِ فِي مَكَان مَا؛ فَيُوقَفُ عِنْدَ النَّهْيِ فِي ذَلِكَ. حدثنا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ كِلاَهُمَا عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلُ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ قَالَ: الْمَسْجِدُ الأَقْصَى، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ فَصَلِّ، فَهُوَ مَسْجِدٌ. قَالَ عَلِيٌّ: فَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ أَنَّ الْكَعْبَةَ مَسْجِدٌ، مَعَ مَجِيءِ الْقُرْآنِ بِذَلِكَ، وَمَا عَلِمَ أَحَدٌ مَسْجِدًا تَحْرُمُ فِيهِ صَلاَةُ الْفَرْضِ وَتَحِلُّ فِيهِ النَّافِلَةُ. وَرُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَأَنَسٍ: أَنَّ مِنْ فَضَائِلِنَا: أَنَّ الأَرْضَ جُعِلَتْ لَنَا مَسْجِدًا. وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الأَرْضِ، فَالصَّلاَةُ فِيهِ جَائِزَةٌ، حَاشَا مَا جَاءَ النَّصُّ مِنْ الْمَنْعِ مِنْ الصَّلاَةِ فِيهِ كَعَطَنِ الإِبِلِ، وَالْحَمَّامِ، وَالْمَقْبَرَةِ، وَإِلَى قَبْرٍ وَعَلَيْهِ، وَالْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ، وَالنَّجِسِ، وَمَسْجِدِ الضِّرَارِ فَقَطْ وَإِنَّمَا جَاءَ النَّهْيُ عَنْ الصَّلاَةِ فِي الْمَجْزَرَةِ، وَظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ جَبِيرَةَ، وَهُوَ لاَ شَيْءَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَجَاءَ النَّهْيُ عَنْ الصَّلاَةِ فِي مَوْضِعِ الْخَسْفِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ، وَهُوَ لاَ شَيْءَ. وَجَاءَ النَّهْيُ عَنْ الصَّلاَةِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرٍ، وَلاَ يَصِحُّ سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ جَابِرٍ. وَالصَّلاَةُ جَائِزَةٌ عَلَى الْجُلُودِ، وَعَلَى الصُّوفِ، وَعَلَى كُلِّ مَا يَجُوزُ الْقُعُودُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ طَاهِرًا. وَجَائِزٌ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْحَرِيرِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ عَطَاءٌ: لاَ تَجُوزُ الصَّلاَةُ إلاَّ عَلَى التُّرَابِ وَالْبَطْحَاءِ. وقال مالك: تُكْرَهُ الصَّلاَةُ عَلَى غَيْرِ الأَرْضِ أَوْ مَا تُنْبِتُ الأَرْضُ. قال علي: هذا قَوْلٌ لاَ دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ، وَالسُّجُودُ وَاجِبٌ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءَ: الرِّجْلَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَالْيَدَيْنِ، وَالْجَبْهَةِ وَالأَنْفِ. وَهُوَ يُجِيزُ وَضْعَ جَمِيعِ هَذِهِ الأَعْضَاءِ عَلَى كُلِّ مَا ذَكَرْنَا، حَاشَا الْجَبْهَةِ؛ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ أَعْضَاءِ السُّجُودِ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى وُجُودِ فَرْقٍ بَيْنَهَا: لاَ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَلاَ سَقِيمَةٍ، وَلاَ مِنْ إجْمَاعٍ، وَلاَ مِنْ قِيَاسٍ، وَلاَ مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلاَ مِنْ رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَرُوِّينَا عن ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ صَلَّى عَلَى مَسْحِ شَعْرٍ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ فِي صَلاَتِهِ عَلَى عَبْقَرِيٍّ وَهُوَ بِسَاطُ صُوفٍ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ سَجَدَ فِي صَلاَتِهِ عَلَى طُنْفُسَةٍ وَهِيَ بِسَاطُ صُوفٍ وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مِثْلُ ذَلِكَ. وَعَنْ شُرَيْحٍ وَالزُّهْرِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَنْ الْحَسَنِ، وَلاَ مُخَالِفُ لِمَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، فِي ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَمَنْ زُوحِمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَسْجُدْ عَلَى رِجْلِ مَنْ يُصَلِّي بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ وَيُجْزِئُهُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِمْ. وقال مالك: لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ: أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِالسُّجُودِ، وَلَمْ يَخُصَّ شَيْئًا نَسْجُدُ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حدثنا أَبِي، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَلْيَسْجُدْ أَحَدُكُمْ عَلَى ثَوْبِهِ، وَإِذَا اشْتَدَّ الزِّحَامُ فَلْيَسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ رَجُلٍ. وَرُوِّينَا عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعَنْ طَاوُوس: إذَا كَثُرَ الزِّحَامُ فَاسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيك؛ وَعَنْ مُجَاهِدٍ: اُسْجُدْ عَلَى رِجْلِ أَخِيك. وَلاَ يُعْرَفُ فِي هَذَا لِعُمَرَ رضي الله عنه مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، مُخَالِفٌ. وَجَائِزٌ لِلإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَكَان أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ جَمِيعِ الْمَأْمُومِينَ، وَفِي أَخْفَضَ مِنْهُ؛ سَوَاءٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ الْعَامَّةُ، وَالأَكْثَرُ، وَالأَقَلُّ فَإِنْ أَمْكَنَهُ السُّجُودُ فَحَسَنٌ؛ وَإِلاَّ فَإِذَا أَرَادَ السُّجُودَ فَلْيَنْزِلْ حَتَّى يَسْجُدَ حَيْثُ يَقْدِرُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى مَكَانِهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ. وقال أبو حنيفة، وَمَالِكٌ: لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ. وَأَجَازَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي مِقْدَارِ قَامَةٍ فَأَقَلَّ، وَأَجَازَهُ مَالِكٌ فِي الاِرْتِفَاعِ الْيَسِيرِ قال علي: هذانِ تَحْدِيدَانِ فَاسِدَانِ؛ لَمْ يَأْتِ بِهِمَا نَصُّ الْقُرْآنِ، وَلاَ سُنَّةٌ، وَلاَ إجْمَاعٌ، وَلاَ قِيَاسٌ، وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ، وَلاَ رَأْيٌ لَهُ وَجْهٌ، وَمَا عُلِمَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَرْقٌ بَيْنَ قَلِيلِ الاِرْتِفَاعِ وَكَثِيرِهِ، وَالتَّحْرِيمُ وَالتَّحْلِيلُ وَالتَّحْدِيدُ بَيْنَهُمَا لاَ يَحِلُّ إلاَّ بِقُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ. وَلَئِنْ كَانَ وُقُوفُ الإِمَامِ فِي الصَّلاَةِ فِي مَكَان أَرْفَعَ مِنْ الْمَأْمُومِينَ بِمِقْدَارِ أُصْبُعٍ حَلاَلاً، فَإِنَّهُ لَحَلاَلٍ بِأُصْبُعٍ بَعْدَ أُصْبُعٍ، حَتَّى يَبْلُغَ أَلْفَ قَامَةٍ وَأَكْثَرَ، وَلَئِنْ كَانَتْ الأَلْفُ قَامَةً حَرَامًا فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَحَرَامٌ كُلُّهُ إلَى قَدْرِ الآُصْبُعِ فَأَقَلَّ وَإِنَّ الْمُتَحَكِّمَ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ لَقَائِلٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْهُ قَطُّ وَالْعَجَبُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَمَالِكًا قَالاَ: إنْ كَانَ مَعَ الإِمَامِ فِي الْعُلُوِّ طَائِفَةٌ جَازَتْ صَلاَتُهُ بِاَلَّذِينَ أَسْفَلُ وَإِلاَّ فَلاَ وَهَذَا عَجَبٌ وَزِيَادَةٌ فِي التَّحَكُّمِ وَأَجَازَا: أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ فِي مَكَان أَسْفَلَ مِنْ الْمَأْمُومِينَ، وَهَذَا تَحَكُّمٌ ثَالِثٌ كُلُّ ذَلِكَ دَعْوَى بِلاَ بُرْهَانٍ قَالَ عَلِيٌّ: وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُونَ خَلْفَ الإِمَامِ صُفُوفًا صُفُوفًا، فَلاَ يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يُخِلُّوا بِهَذِهِ الرُّتْبَةِ، لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ وُجُوبِ تَرْتِيبِ الصُّفُوفِ، بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَإِنْ اتَّفَقَ مُصَلَّى الإِمَامِ فِي دُكَّانٍ، أَوْ غَرْفَةٍ، أَوْ رَابِيَةٍ، لاَ يَسَعُ فِيهَا مَعَهُ صَفٌّ خَلْفَهُ: صَلَّوْا تَحْتَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةَ بْنُ سَعِيدٍ كِلاَهُمَا عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ. أَنَّ نَفَرًا جَاءُوا إلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ سَهْلٌ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَيْهِ يَعْنِي عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ، وَرَاءَهُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ رَفَعَ فَنَزَلَ الْقَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ آخِرِ صَلاَتِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنِّي إنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي وَلِتَعْلَمُوا صَلاَتِي. قَالَ عَلِيٌّ: لاَ بَيَانَ أَبْيَنَ مِنْ هَذَا فِي جَوَازِ صَلاَةِ الإِمَامِ فِي مَكَان أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْمَأْمُومِينَ وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُونَ بِخَبَرٍ فِيهِ النَّهْيُ عَنْ صَلاَةِ الإِمَامِ فِي مَكَان أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْمَأْمُومِينَ وَهُوَ خَبَرٌ سَاقِطٌ، انْفَرَدَ بِهِ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبُكَائِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالْخَبَرُ الَّذِي أَوْرَدْنَا إجْمَاعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا هُوَ الْحُجَّةُ لاَ الْبَاطِلُ الْمُلَفَّقُ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُخَالِفِينَ: هَذَا مِنْ الْكِبْرِ. قال علي: هذا بَاطِلٌ وَيُعْكَسُ عَلَيْهِمْ فِي إجَازَتِهِمْ صَلاَةَ الْمَأْمُومِينَ فِي مَكَان أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الإِمَامِ فَيُقَالُ لَهُمْ: هَذَا كِبْرٌ مِنْ الْمَأْمُومِينَ، وَلاَ فَرْقُ وَيَلْزَمُهُمْ عَلَى هَذَا أَنْ يَمْنَعُوا أَيْضًا مِنْ صَلاَةِ الإِمَامِ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا، وَلاَبِسَ دِرْعٍ فَهَذَا أَدْخَلُ فِي الْكِبْرِ مِنْ صَلاَتِهِ فِي مَكَان عَالٍ وَبِمِثْلِ قَوْلِنَا يَقُولُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
الأعمال المستحبة في الصلاة وليست فرضًا 442 - مسألة رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ كُلِّ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَقِيَامٍ وَجُلُوسٍ، سِوَى تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ قَالَ عَلِيٌّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا: فَطَائِفَةٌ: لَمْ تَرْفَعْ الْيَدَيْنِ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلاَةِ إلاَّ فِي أَوَّلِهَا عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ عَلَى ظَلْعٍ أَيْضًا. وَرَأَوْهُ أَيْضًا إنْ كَانَ فَرَفْعٌ يَسِيرٌ وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وقال أبو حنيفة، وَأَصْحَابُهُ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ لِلإِحْرَامِ أَوَّلاً سُنَّةً لاَ فَرِيضَةً وَمَنَعُوا مِنْهُ فِي بَاقِي الصَّلاَةِ وَرَأَتْ طَائِفَةٌ: رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الإِحْرَامِ، وَعِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: وَأَحْمَدَ وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ. وَهُوَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ، وَابْنِ وَهْبٍ، وَأَبِي الْمُصْعَبِ، وَغَيْرِهِمْ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ وَيُفْتِي بِهِ وَرَأَتْ طَائِفَةٌ: رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرٍ فِي الصَّلاَةِ، الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ، وَعِنْدَ كُلِّ قَوْلِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فأما رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فَمَا نَعْلَمُ لَهَا وَجْهًا أَصْلاً، وَلاَ تَعَلُّقًا بِشَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ، وَلاَ قَائِلاً بِهَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلاَ مِنْ التَّابِعِينَ وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ حَمَامٌ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاجِيَّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَلْقَمَةَ عن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: أَلاَ أُرِيكُمْ صَلاَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ ثُمَّ لَمْ يَعُدْ قَالُوا: وَكَانَ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، لاَ يَرْفَعَانِ أَيْدِيَهُمَا إلاَّ فِي تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ فَقَطْ. مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا، وَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، لِمَا نَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَنَقُولُ: وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: إنَّ هَذَا الْخَبَرَ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ فِيهِ إلاَّ أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِيمَا عَدَا تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ لَيْسَ فَرْضًا فَقَطْ، وَلَوْلاَ هَذَا الْخَبَرُ لَكَانَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ كُلِّ رَفْعٍ وَخَفْضٍ وَتَكْبِيرٍ وَتَحْمِيدٍ فِي الصَّلاَةِ: فَرْضًا؛ لاَِنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ كُلِّ رَفْعٍ عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَصَحَّ عَنْهُ عليه السلام، أَنَّهُ قَالَ: صَلُّوا كَمَا تَرَوْنِي أُصَلِّي. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابِ وُجُوبِ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ. فَلَوْلاَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا لَكَانَ فَرْضًا عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا كَانَ عليه السلام يُصَلِّي. وَكَانَ عليه السلام يُصَلِّي رَافِعًا يَدَيْهِ عِنْدَ كُلِّ رَفْعٍ وَخَفْضٍ، لَكِنْ لَمَّا صَحَّ خَبَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلِمْنَا أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِيمَا عَدَا تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ: سُنَّةٌ وَنَدْبٌ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما لاَ يَرْفَعَانِ، فَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُونَ فَلَيْسَ فِعْلُ بَعْضِهِمْ حُجَّةً عَلَى فِعْلِ بَعْضٍ، بَلْ الْحُجَّةُ عَلَى جَمِيعِهِمْ مَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَعَلِيٌّ: لاَ يَرْفَعَانِ، فَمَا جَاءَ قَطُّ أَنَّهُمَا كَرِهَا الرَّفْعَ، وَلاَ نَهَيَا عَنْهُ كَمَا يَفْعَلُ هَؤُلاَءِ. وَأَمَّا مَنْ رَأَى رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ، فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَابْنِ جُرَيْجِ، وَالزُّبَيْدِيِّ، وَمَعْمَرٍ، وَغَيْرِهِمْ، كُلُّهُمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ، رَفَعَهُمَا أَيْضًا كَذَلِكَ، وَكَانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ. وَرُوِّينَا هَذَا الْفِعْلَ فِي الصَّلاَةِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَرُوِّينَا أَيْضًا هَذَا الْفِعْلَ فِي الصَّلاَةِ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُ النَّاسَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ. وَرُوِّينَا أَيْضًا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، وَجُمْلَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ " كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ إذَا أَحْرَمُوا وَإِذَا رَكَعُوا وَإِذَا رَفَعُوا كَأَنَّهَا الْمَرَاوِحُ ". وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، وَالْحَسَنِ، وَالْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَعَطَاءٍ، وطَاوُوس، وَمُجَاهِدٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَقَتَادَةَ، وَالْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَمَكْحُولٍ، وَمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيِّ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَالْحُمَيْدِيِّ، وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَابْنِ وَهْبٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ، وَالْمُزَنِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَالرَّبِيعِ وَمُحَمَّدِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، وَغَيْرِهِمْ. وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إلَى رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ فَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ حَمَامُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا أَبُو إسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حدثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عن ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا جَاءَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ. وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ، وَإِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا عَيَّاشٌ قَالَ: حدثنا عَبْدُ الأَعْلَى، حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ ابْنُ عُمَرَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَرَوَاهُ أَيْضًا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ قَالاَ: حدثنا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حدثنا أَبُو عَاصِمٍ هُوَ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، حدثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْت أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ. فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: فَلِمَ فَوَاَللَّهِ مَا كُنْتَ بِأَكْثَرِنَا تَبِعَةً، وَلاَ أَقْدَمِنَا لَهُ صُحْبَةً قَالَ: بَلَى قَالُوا: فَاعْرِضْ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاَةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حَتَّى يَقِرَّ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلاً ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَضَعُ رَاحَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَعْتَدِلُ، فَلاَ يَصُبُّ رَأْسَهُ، وَلاَ يُقْنِعُ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثُمَّ إذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ كَمَا كَبَّرَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلاَةِ، ثُمَّ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ صَلاَتِهِ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ قَالُوا: صَدَقْتَ هَكَذَا كَانَ يُصَلِّي. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد [ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْسَرَةَ الْجُشَمِيُّ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلٍ [ قَالَ: كُنْت غُلاَمًا لاَ أَعْقِلُ صَلاَةَ أَبِي فَحَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ إذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ الْتَحَفَ، ثُمَّ أَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ وَأَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي ثَوْبِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخْرَجَ يَدَيْهِ ثُمَّ رَفَعَهُمَا، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ سَجَدَ، وَوَضَعَ وَجْهَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ أَيْضًا رَفَعَ يَدَيْهِ، حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ فَقَالَ: هِيَ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ مَنْ فَعَلَهُ وَتَرَكَهُ مَنْ تَرَكَهُ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيُّ وَعَبْدُ الأَعْلَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ. ثُمَّ اتَّفَقُوا، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ: رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي صَلاَتِهِ إذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِهِ وَإِذَا سَجَدَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ هَذَا لَفْظُ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ، وَعَبْدِ الأَعْلَى وَقَالَ مُعَاذٌ فِي حَدِيثَهُ: كَانَ عليه السلام إذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور، حدثنا وَهْبُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. قَالَ عَلِيٌّ: فَهَذِهِ آثَارٌ مُتَظَاهِرَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ عن ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي حُمَيْدٍ، وَأَبِي قَتَادَةَ، وَوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، وَأَنَسٍ، وَسِوَاهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا يُوجِبُ يَقِينَ الْعِلْمِ. قَالَ عَلِيٌّ: فَكَانَ مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عن ابْنِ عُمَرَ زَائِدًا عَلَى مَا رَوَاهُ عَلْقَمَةُ عن ابْنِ مَسْعُودٍ، وَوَجَبَ أَخْذُ الزِّيَادَةِ؛ لاَِنَّ ابْنَ عُمَرَ حَكَى: أَنَّهُ رَأَى مَا لَمْ يَرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ رَفْعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ، وَكِلاَهُمَا ثِقَةٌ، وَكِلاَهُمَا حَكَى مَا شَاهَدَ، وَقَدْ خَفِيَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَمْرُ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ، فَكَيْفَ وَمَا تُحْمَلُ كِلاَ رِوَايَتَيْهِمَا إلاَّ عَلَى الْمُشَاهَدَةِ الصَّحِيحَةِ وَكَانَ مَا رَوَاهُ نَافِعٌ وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، كِلاَهُمَا عن ابْنِ عُمَرَ، وَمَا رَوَاهُ أَبُو حُمَيْدٍ وَأَبُو قَتَادَةَ وَثَمَانِيَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الرَّكْعَتَيْنِ: زِيَادَةٌ عَلَى مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عن ابْنِ عُمَرَ، وَكُلٌّ ثِقَةٌ، وَكُلٌّ مُصَدَّقٌ فِيمَا ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَرَآهُ وَأَخْذُ الزِّيَادَةِ وَاجِبٌ. وَكَانَ مَا رَوَاهُ أَنَسٌ مِنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ السُّجُودِ: زِيَادَةً عَلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ، وَالْكُلُّ ثِقَةٌ فِيمَا رَوَى وَمَا شَاهَدَ وَمَا رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ مِنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي كُلِّ رُكُوعٍ وَرَفْعٍ مِنْ رُكُوعٍ، وَكُلِّ سُجُودٍ وَرَفْعٍ مِنْ سُجُودٍ: زَائِدًا عَلَى كُلِّ ذَلِكَ، وَالْكُلُّ ثِقَاتٌ فِيمَا رَوَوْهُ وَمَا سَمِعُوهُ وَأَخْذُ الزِّيَادَاتِ فَرْضٌ لاَ يَجُوزُ تَرْكُهُ، لاَِنَّ الزِّيَادَاتِ حُكْمٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، رَوَاهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَلاَ يَضُرُّهُ سُكُوتُ مَنْ لَمْ يَرَوْهُ عَنْ رِوَايَتِهِ كَسَائِرِ الأَحْكَامِ كُلِّهَا، وَلاَ فَرْقَ وَمِمَّنْ قَالَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ: ابْنُ عُمَرَ، كَمَا أَوْرَدْنَا قَبْلُ مِنْ عَمَلِهِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالصَّحَابَةُ، جُمْلَةً كَمَا أَوْرَدْنَاهُ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ، وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَإِذَا سَجَدَ، وَبَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ، يَرْفَعُهُمَا إلَى ثَدْيَيْهِ. قال علي: هذا إسْنَادٌ لاَ دَاخِلَةَ فِيهِ، وَمَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ لِيَرْجِعَ إلَى خِلاَفِ مَا رَوَى مِنْ تَرْكِ الرَّفْعِ عِنْدَ السُّجُودِ إلاَّ وَقَدْ صَحَّ عِنْدَهُ فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ، حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا أَبُو سَهْلٍ النَّضْرُ بْنُ كَثِيرٍ السَّعْدِيُّ قَالَ: صَلَّى إلَى جَنْبِي ابْنُ طَاوُوس فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ بِمِنًى، فَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الآُولَى رَفَعَ يَدَيْهِ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَأَنْكَرْت ذَلِكَ، وَقُلْت لِوُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ: إنَّ هَذَا يَصْنَعُ شَيْئًا لَمْ أَرَ أَحَدًا يَصْنَعُهُ فَقَالَ ابْنُ طَاوُوس: رَأَيْت أَبِي يَصْنَعُهُ، وَقَالَ لِي: رَأَيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَصْنَعُهُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاجِيَّ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ قَالَ: رَأَيْت طَاوُوسًا وَنَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ يَرْفَعَانِ أَيْدِيَهُمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، قَالَ حَمَّادٌ: وَكَانَ أَيُّوبُ يَفْعَلُهُ. حدثنا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عن ابْنِ جُرَيْجِ: قُلْت لِعَطَاءٍ: رَأَيْتُك تُكَبِّرُ بِيَدَيْك حِينَ تَسْتَفْتِحُ، وَحِينَ تَرْكَعُ وَحِينَ تَرْفَعُ رَأْسَك مِنْ الرَّكْعَةِ، وَحِينَ تَرْفَعُ رَأْسَك مِنْ السَّجْدَةِ الآُولَى، وَمِنْ الآخِرَةِ، وَحِينَ تَسْتَوِي مِنْ مَثْنًى قَالَ: أَجَلْ. قُلْت: تَخْلُفُ بِالْيَدَيْنِ الآُذُنَيْنِ قَالَ: لاَ، قَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ كَانَ يَخْلُفُ بِيَدَيْهِ أُذُنَيْهِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجِ: قُلْت لِعَطَاءٍ: وَفِي التَّطَوُّعِ مِنْ التَّكْبِيرِ بِالْيَدَيْنِ قَالَ: نَعَمْ، فِي كُلِّ صَلاَةٍ. وَالتَّوْجِيهُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ لِكُلِّ صَلاَةٍ فَرْضٌ أَوْ غَيْرُ فَرْضٍ، جَهْرًا أَوْ سِرًّا: مَا حَدَّثَنَاهُ حَمَامُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبِي. ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حدثنا أَبُو سَعِيدٍ، حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمَاجِشُونِ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ، وَأَبُو يُوسُفَ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ كِلاَهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا كَبَّرَ اسْتَفْتَحَ ثُمَّ قَالَ :. وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ: حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، هُوَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ حَدَّثَنِي عَمِّي هُوَ أَبُو يُوسُفَ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا كَبَّرَ اسْتَفْتَحَ ثُمَّ قَالَ: وَاتَّفَقَ أَحْمَدُ وَزُهَيْرٌ فِي رِوَايَتَيْهِمَا جَمِيعًا وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ إنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ، وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لاَ إلَهَ إلاَّ أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْت نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ، وَاهْدِنِي لاَِحْسَنِ الأَخْلاَقِ، لاَ يَهْدِي لاَِحْسَنِهَا إلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لاَ يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلاَّ أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ. قَالَ عَلِيٌّ: وَقَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، وَأَبِي النَّضْرِ، وَمُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ، كُلُّهُمْ عن ابْنِ الْمَاجِشُونِ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنه. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَأَبُو كَامِلٍ، قَالَ أَبُو كَامِلٍ: حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ: حدثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، وَقَالَ زُهَيْرٌ: حدثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ. ثُمَّ اتَّفَقَ عَبْدُ الْوَاحِدِ، وَابْنُ فُضَيْلٍ، وَجَرِيرٌ، وَاللَّفْظُ لَهُ كُلُّهُمْ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلاَةِ سَكَتَ هُنَيَّة قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ. وَإِنَّمَا نَذْكُرُ ذَلِكَ فَرْضًا، لاَِنَّهُ فِعْلٌ مِنْهُ عليه السلام وَلَمْ يُؤْمَرْ بِهِ فَكَانَ الاِئْتِسَاءُ بِهِ حَسَنًا. وَنَسْتَحِبُّ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ لِلإِمَامِ سَكْتَةٌ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ رُكُوعِهِ كَمَا حَدَّثَنَا حمام، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ الْقَاضِي، حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ، حدثنا يُونُسَ، هُوَ ابْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ صَلَّى فَكَبَّرَ، ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَرَأَ فَلَمَّا خَتَمَ السُّورَةَ سَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ فَقَالَ لَهُ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ: مَا هَذَا فَقَالَ لَهُ سَمُرَةُ: حَفِظْتُ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَصَدَّقَ سَمُرَةَ. قَالَ عَلِيٌّ: فَنَحْنُ نَخْتَارُ أَنْ يَفْعَلَ كُلُّ إمَامٍ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَعَلَهُ بَعْدَهُ سَمُرَةُ وَغَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، وَيَقْرَأُ الْمَأْمُومُ فِي السَّكْتَةِ الآُولَى " أُمَّ الْقُرْآنِ " فَمَنْ فَاتَتْهُ قَرَأَ فِي السَّكْتَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ عَلِيٌّ: وَقَدْ فَعَلَ مَا قلنا جُمْهُورُ السَّلَفِ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ تَبَارَكَ اسْمُك وَتَعَالَى جَدُّك، وَلاَ إلَهَ غَيْرُك، يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ، فَظَنَنَّا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُعَلِّمَنَا وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمَرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ الأَسْوَدِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ كَانَ إذَا كَبَّرَ قَالَ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، تَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلاَ إلَهَ غَيْرُك فَهَذَا فِعْلُ عُمَرَ رضي الله عنه بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ لاَ مُخَالِفَ لَهُ مِنْهُمْ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ طَاوُوس وَعَطَاءٍ، كُلُّهُمْ يَتَوَجَّهُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ فِي صَلاَةِ الْفَرْضِ. وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَدَاوُد وَأَصْحَابِهِمْ وقال مالك: لاَ أَعْرِفُ التَّوْجِيهَ قَالَ عَلِيٌّ: لَيْسَ مَنْ لاَ يَعْرِفُ حُجَّةً عَلَى مَنْ عَرَفَ وَقَدْ احْتَجَّ بَعْضُ مُقَلِّدِيهِ فِي مُعَارَضَتِهِ مَا ذَكَرْنَا بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَفْتَتِحُ الصَّلاَةَ بِالتَّكْبِيرِ، وَالْقِرَاءَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. قال علي: وهذا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، بَلْ هُوَ قَوْلُنَا، لاَِنَّ اسْتِفْتَاحَ الْقِرَاءَةِ بِ " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ": لاَ يَدْخُلُ فِيهِ التَّوْجِيهُ، لاَِنَّهُ لَيْسَ التَّوْجِيهُ قِرَاءَةً، وَإِنَّمَا هُوَ ذِكْرٌ. فَصَحَّ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يَفْتَتِحُ الصَّلاَةَ بِالتَّكْبِيرِ، ثُمَّ يَذْكُرُ مَا قَدْ صَحَّ عَنْهُ مِنْ الذِّكْرِ، ثُمَّ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَزِيَادَةُ الْعُدُولِ لاَ يَجُوزُ رَدُّهَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، وَلاَ يَقُولُهَا الْمَأْمُومُ، لاَِنَّ فِيهَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ، وَقَدْ نَهَى عليه السلام أَنْ يُقْرَأَ خَلْفَ الإِمَامِ إلاَّ " بِأُمِّ الْقُرْآنِ " فَقَطْ، فَإِنْ دَعَا بَعْدَ قِرَاءَةِ " أُمِّ الْقُرْآنِ " فِي حَالِ سَكْتَةِ الإِمَامِ بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَحَسَنٌ. وَيَجِبُ عَلَى الإِمَامِ التَّخْفِيفُ إذَا أَمَّ جَمَاعَةً لاَ يَدْرِي كَيْف طَاقَتُهُمْ وَيُطَوِّلُ الْمُنْفَرِدُ مَا شَاءَ، وَحَدُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الصَّلاَةِ الَّتِي تَلِي الَّتِي هُوَ فِيهَا، وَإِنْ خَفَّفَ الْمُنْفَرِدُ فَذَلِكَ لَهُ مُبَاحٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيّ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ. وبه إلى الْبُخَارِيِّ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حدثنا زُهَيْرٌ، وَ، هُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا إسْمَاعِيلُ، هُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ سَمِعْت قَيْسًا، هُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي لاََتَأَخَّرُ عَنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلاَنٍ، مِمَّا يُطِيلُ بِنَا، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ عليه السلام: إنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي الْعَلاَءِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، هُوَ ابْنُ الشِّخِّيرِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنِي إمَامَ قَوْمِي، قَالَ: أَنْتَ إمَامُهُمْ، وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ، وَاتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لاَ يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا. قال علي: هذا حَدُّ التَّخْفِيفِ، وَهُوَ أَنْ يَنْظُرَ مَا يَحْتَمِلُ أَضْعَفُ مَنْ خَلْفَهُ وَأَمَسُّهُمْ حَاجَةً مِنْ الْوُقُوفِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ فَلْيُصَلِّ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ. وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ السَّلَفِ الطَّيِّبِ. رُوِّينَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَحُمَيْدٍ كِلاَهُمَا عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا صَلَّيْتُ خَلْفَ أَحَدٍ أَوْجَزَ صَلاَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَمَامٍ، كَانَتْ صَلاَتُهُ مُتَقَارِبَةً، وَصَلاَةُ أَبِي بَكْرٍ مُتَقَارِبَةً، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ مَدَّ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ قَالَ: قُلْت لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ: مَا لَكُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَخَفِّ النَّاسِ صَلاَةً قَالَ: نُبَادِرُ الْوَسْوَاسَ وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن ابْنِ جُرَيْجِ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إذَا كُنْت إمَامًا فَخَفِّفْ الصَّلاَةَ، فَإِنَّ فِي النَّاسِ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَالْمُعْتَلَّ وَذَا الْحَاجَةِ، وَإِذَا صَلَّيْت وَحْدَك فَطَوِّلْ مَا بَدَا لَك. وَأَبْرِدْ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ وَعَنْ طَلْحَةَ التَّخْفِيفُ أَيْضًا، وَعَنْ عَمَّارٍ كَذَلِكَ وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَّهُ كَانَ يُطِيلُ الصَّلاَةَ فِي بَيْتِهِ، وَيُقَصِّرُ عِنْدَ النَّاسِ، وَيَحُضُّ عَلَى ذَلِكَ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ: لَوْ أَنَّ رَجُلاً أَخَذَ شَاةً عَزُوزًا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ لَبَنِهَا حَتَّى أُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، أُتِمُّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا وَعَنْ عَلْقَمَةَ: لَوْ أُمِرَ بِذَبْحِ شَاةٍ فَأَخَذَ فِي سَلْخِهَا لَصَلَّيْت الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي تَمَامٍ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهَا وَأَمَّا الْحَدُّ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي التَّطْوِيلِ فَهُوَ: أَنَّنَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْعَصْرَ بِالأَمْسِ، وَقَالَ عليه السلام: وَقْتُ الصُّبْحِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ. وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ. وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ نُورُ الشَّفَقِ. وَوَقْتُ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ. فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي صَلاَةٍ فِي آخِرِ وَقْتِهَا فَإِنَّمَا يُصَلِّي بَاقِيَهَا فِي وَقْتِ الآُخْرَى، وَفِي وَقْتٍ لَيْسَ لَهُ تَأْخِيرُ ابْتِدَاءِ الصَّلاَةِ إلَيْهِ أَصْلاً. وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ التَّفْرِيطَ أَنْ تُؤَخِّرَ صَلاَةً حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى. فَصَحَّ أَنَّ لَهُ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ فِي وَقْتِهَا أَنَّ لَهُ أَنْ يُطَوِّلَ مَا شَاءَ، كَمَا أَمَرَ عليه السلام، إلاَّ تَطْوِيلاً مَنَعَ مِنْهُ النَّصُّ، وَلَيْسَ إلاَّ أَنْ يُطِيلَ حَتَّى تَفُوتَهُ الصَّلاَةُ التَّالِيَةُ لَهَا فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
|